طاب الخاطر
20-06-2003, 20:31
حين تأتيك العطله الصيفيه ينقسم شباب الاسلام الى ثلاثة أقسام :
1- ظالم لنفسه
2- مقتصد
3- سابق بالخيرات
أولاً - الصنف الظالم لنفسـه :
شاب ظن أن الحياة لعب و لهو و غناء و أكل و شرب و نوم و ذهاب و إياب ، و ما عَلِم أن الله سوف يسأل عن كل دقيقه من دقائق حياته .
شاب جعل هذه العطله أو الاجازه للشهوات و لتضعيف السيئات و نسي رقابة الواحد الأحد رب الارض و السموات .
شاب نسي مراقبة الله ، و عين الله ، و لقاء الله ، نسي أنه ابنٌ لخالد بن الوليد الذي اسمع اذن الدهر ، و خطب على منبر الدنيا ، و اسال دم الوثنيه في الأرض لترتفع راية لا اله الا الله .
نسي أنه ابنٌ لسعد بن ابي وقاص الذي دكّ إيوان كسرى و كبّر في الإيوان وانصدع فقال
(كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ )
نسي أنه ابنٌ لعمر بن الخطاب الذي إذا ذُكر في مجالس القياصره و الأكاسره فزعوا لذكره !!
يامن يرى عمراً تكسوه بردته
و الزيت أُدم له و الكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرطاً
و مــلــوك الـــروم تخشـــــاه
هذا الصنف يتحرى الاجازه بلهب ليذهب في كل مذهب ، أما الصلوات فلا تسأل عنها فقد ضيّعها ، و أما القرآن فهجره ، و أما الذكر فلا يعرفه ، و أما المسجد فما اهتدى اليه .
فيا رب ، هذه هي الأمه التي رفعت اسمك على النجوم لا تضيّع آخرها و احفظها كما حفظت أولها . يا رب ، هولاء أبناء الذين أسكتوا البشريه ليسمعوا كلامك الإنسانيه .
ثانيـاً – الصنف المقتصد :
شاب مقتصد لم يستغل الاجازه في معصية الله بل استغلها في المباحات ، يؤدي الفرائض و ينتهي عن المحرّمات . ينام نوماً عميقاً ، فإذا استيقظ اشتغل بالزيارات و النزهات .
فأين استثمار الوقت ؟؟ أين القراءه ؟ أين التلاوه ؟ أين العلم و التعلم ؟؟
ثالثـاً – صنف السابقين بالخيرات :
هم شباب الاسلام ، و هم نجم التوحيد ، وهم كوكبة محمد صلى الله عليه و سلم ، و هم الفجر لهذا الدين. إنهم شباب عرفوا الحياة و عرفوا أنهم سوف يقفون بين يدي علاً م الغيوب ، و عرفوا أن السلف الصالح استثمروا أوقاتهم في مرضاة الله .
هذا الشاب سابق بالخيرات ، كتاب الله خِدنه و رفيقه و ربيع قلبه ، لا تفوته الصلوات و لا تكبيرة الإحرام في جماعة .
حضرت الأعمش الوفاة فبكى أبناؤه . فقال لهم : ابكوا أو لا تبكوا ، و الله ما فاتتني تكبيرة الاحرام ستين سنه .
لأنه يريد جنة عرضها السموات و الأرض .
هؤلاء الشباب مقبلون على العلم إقبالاً جازماً و عازماً على استثمار الوقت ، دروسهم دعوه ، جلساتهم إيقاظ و صحوه ، و حركاتهم طاعه . فهؤلاء الذين سبقوا بالخيرات
( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )
فيا شباب الاسلام ، الا تريدون أن تكونوا من السابقين بالخيرات الذين ليلهم طاعه ، و نهارهم تسبيح و زلفى و قربى من الله . كمصعب بن عمير ، و سعد ، و خالد ، كطارق و صلاح الدين ؟؟؟
فهم :
عُبـّاد ليــل اذا جُـن الظــلام بهم
كــم عـابـد دمعــه في الخـد أجراه
وأســـدُ غاب اذا نادى الجهاد بهم
هبّوا الى الموت يستنجدون رؤيـــاه
يا رب فابعث لنـا من مثلهم نفراً
يُــشــيــدون لــنــا مجــداً أضعنـاه
يا شباب الاسلام ، يا جيل محمد صلى الله عليه و سلم ، يا حفظة دولة الاسلام ، يا من دكّ أجدادهم دولة الاصنام ، أنتم مرشحون للعوده الى الله ، و أنتم مرشحون لقيادة البشريه .
من يقود الناس الا أنـتـم ؟ و من يوجه الناس إلا أنـتـم ؟
فانظر في نفسك ......أي الاصناف أنت ؟؟
اللهم ردنا اليك رداً جميلاً ، و كفّر عنا سيئاتنا ، و أصلح بالنا ، و أخرجنا من الظلمات الى النور و صلى الله و سلم على سيدنا محمد . آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ســياط القـــلوب
د.عائض القرنـــي
مثال
كنت عائداً من سفر طويل, وقدَّر الله - تعالى - أن يكون مكاني في مقعد الطائرة بجوار شلَّة من الشباب العابث اللاهي الذين تعالت ضحكاتهم, وكثر ضجيجهم, وامتلأ بسحاب متراكم من دخان سجائرهم, ومن حكمة الله - تعالى - أن الطائرة كنت ممتلئة تماماً بالركاب فلم أتمكن من تغيير المقعد.
حاولت أن أهرب من هذا المأزق بالفرار إلى النوم, ولكن هيهات هيهات.. فلمَّا ضجرت من ذلك الضجيج أخرجت المصحف ورحت أقرأ ما تيسر من القرآن الكريم بصوت منخفض, وما هي إلا لحظات حتى هدأ بعض هؤلاء الشباب, وراح بعضهم يقرأ جريدة كانت بيده, ومنهم من استسلم للنوم.
وفجأة قال لي أحدهم بصوت - مرتفع وكان بجواري تماماً - : يكفي, يكفي ..!!
فظننت أني أثقلت عليه برفع الصوت, فاعتذرت إليه, ثم عدت للقراءة بصوت هامس لا أُسمِعَ به إلا نفسي, فرأيته يضم رأسه بين يديه, ثم يتململ في جلسته, ويتحرك كثيراً, ثم رفع رأسه إِليَّ وقال بانفعال شديد : أرجوك يكفي .. يكفي .. لا أستطيع الصبر ..!!
ثم قام من مقعده, وغاب عني فترة من الزمن, ثم عاد ثانية, وسلَّم عليَّ معتذراً متأسفاً. وسكت وأنا لا أدري ما الذي يجري! ولكنه بعد قليل من الصمت التفت إِليَّ وقد اغرورقت عيناه بالدموع, وقال لي هامساً: ثلاث سنوات أو أكثر لم أضع فيها جبهتي على الأرض, ولم أقرأ فيها آية واحدة قط ..!
وها هو ذا شهر كامل قضيته في هذا السفر ما عرفت منكراً إلا ولغت فيه, ثم رأيتك تقرأ, فاسودَّت الدنيا في وجهي, وانقبض صدري, وأحسست بالاختناق, نعم ..أحسست أنَّ كل آية تقرؤها تتنزل على جسدي كالسياط..!!
فقلت في نفسي : إلى متى هذه الغفلة؟! وإلى أين أسير في هذا الطريق؟!
وماذا بعد كل هذا العبث واللهو؟!
ثم ذهبت إلى دورة المياه, أتدري لماذا؟!
أحسست برغبة شديدة في البكاء, ولم أجد مكاناً أستتر فيه عن أعين الناس إلا ذلك المكان !!
فكلمته كلاماً عاماً عن التوبة والإنابة والرجوع إلى الله ...ثم سكت.
لما نزلت الطائرة على أرض المطار, استوقفني وكأنه يريد أن يبتعد عن أصحابه, وسألني وعلامات الجدَ بادية على وجهه : أتظن أن الله يتوب عليَّ؟!
فقلت له : إن كنت صادقاً في توبتك عازماً على العودة فإن الله - تعالى - يغفر الذنوب جميعاً.
فقال ولكني فعلت أشياء عظيمة .. عظيمة جداً..!!
فقلت له : ألم تسمع قول الله - تعالى - (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر : 53
فرأيته يبتسم ابتسامة السعادة, وعيناه مليئتان بالدموع, ثم ودعني ومضى ..!
سبحان الله العظيم ..!
إن الإنسان مهما بلغ فساده وطغيانه في المعاصي فإن في قلبه بذرة من خير, إذا استطعنا الوصول إليها ثم قمنا باستنباتها ورعايتها أثمرت وأينعت بإذن الله - تعالى -.
إن بذرة الخير تظلُّ تصارع في نفس الإنسان وإن علتها غشاوة الهوى, فإذا أراد الله بعبده خيراً أشرقت في قلبه أنوار الهداية وسلكه في سبيل المهتدين. قال الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام
رسائل
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنهـا
إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُـه
وإن بناها بشر خاب بانيها
اللهم ردنا إليك رداً جميلا
االلهم آمين
تحياتي
1- ظالم لنفسه
2- مقتصد
3- سابق بالخيرات
أولاً - الصنف الظالم لنفسـه :
شاب ظن أن الحياة لعب و لهو و غناء و أكل و شرب و نوم و ذهاب و إياب ، و ما عَلِم أن الله سوف يسأل عن كل دقيقه من دقائق حياته .
شاب جعل هذه العطله أو الاجازه للشهوات و لتضعيف السيئات و نسي رقابة الواحد الأحد رب الارض و السموات .
شاب نسي مراقبة الله ، و عين الله ، و لقاء الله ، نسي أنه ابنٌ لخالد بن الوليد الذي اسمع اذن الدهر ، و خطب على منبر الدنيا ، و اسال دم الوثنيه في الأرض لترتفع راية لا اله الا الله .
نسي أنه ابنٌ لسعد بن ابي وقاص الذي دكّ إيوان كسرى و كبّر في الإيوان وانصدع فقال
(كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ )
نسي أنه ابنٌ لعمر بن الخطاب الذي إذا ذُكر في مجالس القياصره و الأكاسره فزعوا لذكره !!
يامن يرى عمراً تكسوه بردته
و الزيت أُدم له و الكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرطاً
و مــلــوك الـــروم تخشـــــاه
هذا الصنف يتحرى الاجازه بلهب ليذهب في كل مذهب ، أما الصلوات فلا تسأل عنها فقد ضيّعها ، و أما القرآن فهجره ، و أما الذكر فلا يعرفه ، و أما المسجد فما اهتدى اليه .
فيا رب ، هذه هي الأمه التي رفعت اسمك على النجوم لا تضيّع آخرها و احفظها كما حفظت أولها . يا رب ، هولاء أبناء الذين أسكتوا البشريه ليسمعوا كلامك الإنسانيه .
ثانيـاً – الصنف المقتصد :
شاب مقتصد لم يستغل الاجازه في معصية الله بل استغلها في المباحات ، يؤدي الفرائض و ينتهي عن المحرّمات . ينام نوماً عميقاً ، فإذا استيقظ اشتغل بالزيارات و النزهات .
فأين استثمار الوقت ؟؟ أين القراءه ؟ أين التلاوه ؟ أين العلم و التعلم ؟؟
ثالثـاً – صنف السابقين بالخيرات :
هم شباب الاسلام ، و هم نجم التوحيد ، وهم كوكبة محمد صلى الله عليه و سلم ، و هم الفجر لهذا الدين. إنهم شباب عرفوا الحياة و عرفوا أنهم سوف يقفون بين يدي علاً م الغيوب ، و عرفوا أن السلف الصالح استثمروا أوقاتهم في مرضاة الله .
هذا الشاب سابق بالخيرات ، كتاب الله خِدنه و رفيقه و ربيع قلبه ، لا تفوته الصلوات و لا تكبيرة الإحرام في جماعة .
حضرت الأعمش الوفاة فبكى أبناؤه . فقال لهم : ابكوا أو لا تبكوا ، و الله ما فاتتني تكبيرة الاحرام ستين سنه .
لأنه يريد جنة عرضها السموات و الأرض .
هؤلاء الشباب مقبلون على العلم إقبالاً جازماً و عازماً على استثمار الوقت ، دروسهم دعوه ، جلساتهم إيقاظ و صحوه ، و حركاتهم طاعه . فهؤلاء الذين سبقوا بالخيرات
( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )
فيا شباب الاسلام ، الا تريدون أن تكونوا من السابقين بالخيرات الذين ليلهم طاعه ، و نهارهم تسبيح و زلفى و قربى من الله . كمصعب بن عمير ، و سعد ، و خالد ، كطارق و صلاح الدين ؟؟؟
فهم :
عُبـّاد ليــل اذا جُـن الظــلام بهم
كــم عـابـد دمعــه في الخـد أجراه
وأســـدُ غاب اذا نادى الجهاد بهم
هبّوا الى الموت يستنجدون رؤيـــاه
يا رب فابعث لنـا من مثلهم نفراً
يُــشــيــدون لــنــا مجــداً أضعنـاه
يا شباب الاسلام ، يا جيل محمد صلى الله عليه و سلم ، يا حفظة دولة الاسلام ، يا من دكّ أجدادهم دولة الاصنام ، أنتم مرشحون للعوده الى الله ، و أنتم مرشحون لقيادة البشريه .
من يقود الناس الا أنـتـم ؟ و من يوجه الناس إلا أنـتـم ؟
فانظر في نفسك ......أي الاصناف أنت ؟؟
اللهم ردنا اليك رداً جميلاً ، و كفّر عنا سيئاتنا ، و أصلح بالنا ، و أخرجنا من الظلمات الى النور و صلى الله و سلم على سيدنا محمد . آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ســياط القـــلوب
د.عائض القرنـــي
مثال
كنت عائداً من سفر طويل, وقدَّر الله - تعالى - أن يكون مكاني في مقعد الطائرة بجوار شلَّة من الشباب العابث اللاهي الذين تعالت ضحكاتهم, وكثر ضجيجهم, وامتلأ بسحاب متراكم من دخان سجائرهم, ومن حكمة الله - تعالى - أن الطائرة كنت ممتلئة تماماً بالركاب فلم أتمكن من تغيير المقعد.
حاولت أن أهرب من هذا المأزق بالفرار إلى النوم, ولكن هيهات هيهات.. فلمَّا ضجرت من ذلك الضجيج أخرجت المصحف ورحت أقرأ ما تيسر من القرآن الكريم بصوت منخفض, وما هي إلا لحظات حتى هدأ بعض هؤلاء الشباب, وراح بعضهم يقرأ جريدة كانت بيده, ومنهم من استسلم للنوم.
وفجأة قال لي أحدهم بصوت - مرتفع وكان بجواري تماماً - : يكفي, يكفي ..!!
فظننت أني أثقلت عليه برفع الصوت, فاعتذرت إليه, ثم عدت للقراءة بصوت هامس لا أُسمِعَ به إلا نفسي, فرأيته يضم رأسه بين يديه, ثم يتململ في جلسته, ويتحرك كثيراً, ثم رفع رأسه إِليَّ وقال بانفعال شديد : أرجوك يكفي .. يكفي .. لا أستطيع الصبر ..!!
ثم قام من مقعده, وغاب عني فترة من الزمن, ثم عاد ثانية, وسلَّم عليَّ معتذراً متأسفاً. وسكت وأنا لا أدري ما الذي يجري! ولكنه بعد قليل من الصمت التفت إِليَّ وقد اغرورقت عيناه بالدموع, وقال لي هامساً: ثلاث سنوات أو أكثر لم أضع فيها جبهتي على الأرض, ولم أقرأ فيها آية واحدة قط ..!
وها هو ذا شهر كامل قضيته في هذا السفر ما عرفت منكراً إلا ولغت فيه, ثم رأيتك تقرأ, فاسودَّت الدنيا في وجهي, وانقبض صدري, وأحسست بالاختناق, نعم ..أحسست أنَّ كل آية تقرؤها تتنزل على جسدي كالسياط..!!
فقلت في نفسي : إلى متى هذه الغفلة؟! وإلى أين أسير في هذا الطريق؟!
وماذا بعد كل هذا العبث واللهو؟!
ثم ذهبت إلى دورة المياه, أتدري لماذا؟!
أحسست برغبة شديدة في البكاء, ولم أجد مكاناً أستتر فيه عن أعين الناس إلا ذلك المكان !!
فكلمته كلاماً عاماً عن التوبة والإنابة والرجوع إلى الله ...ثم سكت.
لما نزلت الطائرة على أرض المطار, استوقفني وكأنه يريد أن يبتعد عن أصحابه, وسألني وعلامات الجدَ بادية على وجهه : أتظن أن الله يتوب عليَّ؟!
فقلت له : إن كنت صادقاً في توبتك عازماً على العودة فإن الله - تعالى - يغفر الذنوب جميعاً.
فقال ولكني فعلت أشياء عظيمة .. عظيمة جداً..!!
فقلت له : ألم تسمع قول الله - تعالى - (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر : 53
فرأيته يبتسم ابتسامة السعادة, وعيناه مليئتان بالدموع, ثم ودعني ومضى ..!
سبحان الله العظيم ..!
إن الإنسان مهما بلغ فساده وطغيانه في المعاصي فإن في قلبه بذرة من خير, إذا استطعنا الوصول إليها ثم قمنا باستنباتها ورعايتها أثمرت وأينعت بإذن الله - تعالى -.
إن بذرة الخير تظلُّ تصارع في نفس الإنسان وإن علتها غشاوة الهوى, فإذا أراد الله بعبده خيراً أشرقت في قلبه أنوار الهداية وسلكه في سبيل المهتدين. قال الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام
رسائل
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنهـا
إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُـه
وإن بناها بشر خاب بانيها
اللهم ردنا إليك رداً جميلا
االلهم آمين
تحياتي