abuturky
04-04-2003, 05:04
مقالة للآستاذ أحمد الخميسي مجلة أخبار الآدب القاهريه
كانت حركة المرور في الكويت منضبطة لزمن طويل جدآ ، إلي أن شرعت أمريكا في شن حربها العدوانية على الشعب العراقي ، فإذا بحركة المرور ترتبك في الكويت فجأة ارتباكا يدعو للدهشة .
المرة الأولى كانت بعد بدء الحرب بأيام حين أعلن عن حادث سير داخل الكويت قتل بسببه جندي أمريكي وجرح ثلاثة آخرون . المرة الثانية في 30 مارس حين دهست شاحنة جنودا أمريكيين فقتلت منهم سبعة عشر جنديا .
وهناك – إذا لم تخني الذاكرة - مرة ثالثة تسبب المرور الكويتي فيها في مصرع عدد آخر من جنود الغزو الأمريكي .
هناك أيضا ارتباك واضح في حركة مرور الصواريخ الأمريكية التي أصبحت تسقط عن طريق الخطأ على القوات الأمريكية ، أو عند الحدود الإيرانية ، أو تصيب عربة ركاب في قرية سورية ، وأحيانا تقع حتى في الأراضي التركية العزيزة .
هناك أيضا عدد من الحوادث الارتباك الغريب كأن يفتح الأمريكيون النار على فرقهم وجنودهم ، أو يتطوع الانجليز بالقيام بتلك المهمة ، ويسمى هذا في الحروب " نيران صديقة " .
ويجعلني كل هذا أتساءل : وماذا بعد ؟ فإذا استمرت حركة المرور الكويتية بهذه الحالة ، وارتفعت نسبة حوادثها بهذه المعدلات ، فإن أمريكا قد تفقد أعدادا ضخمة من جنودها قبل أن يتقدموا مترين إلي الأمام ؟ .
وإذا كان المرور الكويتي الصديق بهذا الوضع العجيب ، فكيف ستكون حركة المرور في كركوك ، والموصل ، والناصرية ؟ وبغداد ؟ .
وقد انتشرت عدوى ارتباك المرور الكويتي في أنحاء كثيرة من العالم ، ففي أفغانستان أخذت تتزايد أعداد الصواريخ التي تقصف مقرات الجنود الأمريكيين ، وحوادث المرور ، كما طارت قنبلة في إكوادور بطريق الخطأ حتى حطت فوق القنصلية البريطانية هناك ، وفرقعت قنبلة أخرى في المنامة عند سور قاعدة أمريكية .
وقرر الأمريكيون تحذير رعاياهم في بلدان عديدة من مخاطر مجهولة . وبسبب العدوان الأمريكي على العراق تفشت المخاوف في كل ناحية. الصين تخشى أن تتحكم واشنطن في نفط العراق .
وكوريا تقرر أنها لن تسمح لمفتشين من أي نوع بدخول أراضيها . موسكو – بعد عشر سنوات من الصمت – ترفض بقوة العدوان على العراق . الاتحاد الأوروبي مهدد بالانهيار .
ولتغطية الفشل الأمريكي الذريع سياسيا وعسكريا ، تلجأ أمريكا وكتابها ومحللوها السياسيون إلي الكذب دون توقف ، وإلي توسيع رقعة التهديد بالعدوان .
ووجه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامفسيلد إنذارا إلي سوريا ، وأعلن أن واشنطن ستحاسب دمشق على إرسالها " معدات ومواد عسكرية إلي العراق " ، وتلقت موسكو إنذارا مشابها واتهاما من نفس النوع بدعوى أن شركات روسية تمد العراق بأنظمة عسكرية حديثة ، ونالت إيران نصيبها من الترويع الأمريكي بحجة أنها تدعم جماعات عسكرية داخل العراق ، أما فرنسا فقد لوحت أمريكا في وجهها بالعقوبات الاقتصادية .
أما كوريا الشمالية ببرنامجها المعلن للتسليح النووي فإنها تقف في مقدمة الدول المرشحة لتلقي الضربات الأمريكية . هذا بينما لم تجف منابع الكفاح الشعبي ضد أمريكا في فنزويلا بعد .
وشق العدوان الأمريكي مجلس الأمن إلي نصفين ، ورمى بالأمم المتحدة إلي سلة المهملات ، ومزق كل أشكال الشرعية المتعارف عليها دوليا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلي الآن .
وهكذا فإن القبضة الأمريكية التي حلقت لتنقض بمخالبها على العالم كالطيور الخرافية ، حولت الأرض التي تنبت القمح والفاكهة إلي سطح من الصفيح الساخن تمشي فوقه البشرية مشحونة في كل مكان بالقلق والتساؤلات والرغبة في المقاومة .
النظام الوحيد الذي نجا من طوفان الغضب الأمريكي هو إسرائيل . بل وتلقى ذلك النظام العنصري وعدا بمعونات تصل إلي عشرة مليارات دولار . ولهذا وصل الضباط الإسرائيليون إلي قاعدة سيليه في قطر ليشاركوا في قصف الشعب العراقي وتدمير حضارة يمتد تاريخها إلي آلاف السنين .
وتدرك إسرائيل قبل غيرها أهمية تدمير القوة العسكرية في العراق ، وهي التي قامت من قبل بضرب مفاعله النووي، وتدرك إسرائيل قبل غيرها أن الحرب لا تستهدف التحكم في النفط فحسب، بل تستهدف ما هو أبعد من ذلك : أي استعباد المنطقة بالكامل والتمكين للقدرة العدوانية الإسرائيلية كقوة منفردة على المدى البعيد .
ولم يعد أمام أمريكا سوى الكذب الذي بدأته بأنها تسعى " لتحرير العراق " ولو كلفها ذلك قتل كل أبناء العراق وأطفاله . ولم يعد أمام المعتدين سوى ادعاء أن كل عمليات المقاومة الشعبية العربية للغزو الأمريكي في الكويت ، والبحرين ، وقطر ، والناصرية ، وغيرها ، هي حوادث مرور ! وفي هذه الحالة لا يتبقى أمامنا إلا توجيه التحية إلي القائمين على حركة المرور المرتبكة في الكويت ، لأنها تبعث الأمل في النفوس .
كانت حركة المرور في الكويت منضبطة لزمن طويل جدآ ، إلي أن شرعت أمريكا في شن حربها العدوانية على الشعب العراقي ، فإذا بحركة المرور ترتبك في الكويت فجأة ارتباكا يدعو للدهشة .
المرة الأولى كانت بعد بدء الحرب بأيام حين أعلن عن حادث سير داخل الكويت قتل بسببه جندي أمريكي وجرح ثلاثة آخرون . المرة الثانية في 30 مارس حين دهست شاحنة جنودا أمريكيين فقتلت منهم سبعة عشر جنديا .
وهناك – إذا لم تخني الذاكرة - مرة ثالثة تسبب المرور الكويتي فيها في مصرع عدد آخر من جنود الغزو الأمريكي .
هناك أيضا ارتباك واضح في حركة مرور الصواريخ الأمريكية التي أصبحت تسقط عن طريق الخطأ على القوات الأمريكية ، أو عند الحدود الإيرانية ، أو تصيب عربة ركاب في قرية سورية ، وأحيانا تقع حتى في الأراضي التركية العزيزة .
هناك أيضا عدد من الحوادث الارتباك الغريب كأن يفتح الأمريكيون النار على فرقهم وجنودهم ، أو يتطوع الانجليز بالقيام بتلك المهمة ، ويسمى هذا في الحروب " نيران صديقة " .
ويجعلني كل هذا أتساءل : وماذا بعد ؟ فإذا استمرت حركة المرور الكويتية بهذه الحالة ، وارتفعت نسبة حوادثها بهذه المعدلات ، فإن أمريكا قد تفقد أعدادا ضخمة من جنودها قبل أن يتقدموا مترين إلي الأمام ؟ .
وإذا كان المرور الكويتي الصديق بهذا الوضع العجيب ، فكيف ستكون حركة المرور في كركوك ، والموصل ، والناصرية ؟ وبغداد ؟ .
وقد انتشرت عدوى ارتباك المرور الكويتي في أنحاء كثيرة من العالم ، ففي أفغانستان أخذت تتزايد أعداد الصواريخ التي تقصف مقرات الجنود الأمريكيين ، وحوادث المرور ، كما طارت قنبلة في إكوادور بطريق الخطأ حتى حطت فوق القنصلية البريطانية هناك ، وفرقعت قنبلة أخرى في المنامة عند سور قاعدة أمريكية .
وقرر الأمريكيون تحذير رعاياهم في بلدان عديدة من مخاطر مجهولة . وبسبب العدوان الأمريكي على العراق تفشت المخاوف في كل ناحية. الصين تخشى أن تتحكم واشنطن في نفط العراق .
وكوريا تقرر أنها لن تسمح لمفتشين من أي نوع بدخول أراضيها . موسكو – بعد عشر سنوات من الصمت – ترفض بقوة العدوان على العراق . الاتحاد الأوروبي مهدد بالانهيار .
ولتغطية الفشل الأمريكي الذريع سياسيا وعسكريا ، تلجأ أمريكا وكتابها ومحللوها السياسيون إلي الكذب دون توقف ، وإلي توسيع رقعة التهديد بالعدوان .
ووجه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامفسيلد إنذارا إلي سوريا ، وأعلن أن واشنطن ستحاسب دمشق على إرسالها " معدات ومواد عسكرية إلي العراق " ، وتلقت موسكو إنذارا مشابها واتهاما من نفس النوع بدعوى أن شركات روسية تمد العراق بأنظمة عسكرية حديثة ، ونالت إيران نصيبها من الترويع الأمريكي بحجة أنها تدعم جماعات عسكرية داخل العراق ، أما فرنسا فقد لوحت أمريكا في وجهها بالعقوبات الاقتصادية .
أما كوريا الشمالية ببرنامجها المعلن للتسليح النووي فإنها تقف في مقدمة الدول المرشحة لتلقي الضربات الأمريكية . هذا بينما لم تجف منابع الكفاح الشعبي ضد أمريكا في فنزويلا بعد .
وشق العدوان الأمريكي مجلس الأمن إلي نصفين ، ورمى بالأمم المتحدة إلي سلة المهملات ، ومزق كل أشكال الشرعية المتعارف عليها دوليا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلي الآن .
وهكذا فإن القبضة الأمريكية التي حلقت لتنقض بمخالبها على العالم كالطيور الخرافية ، حولت الأرض التي تنبت القمح والفاكهة إلي سطح من الصفيح الساخن تمشي فوقه البشرية مشحونة في كل مكان بالقلق والتساؤلات والرغبة في المقاومة .
النظام الوحيد الذي نجا من طوفان الغضب الأمريكي هو إسرائيل . بل وتلقى ذلك النظام العنصري وعدا بمعونات تصل إلي عشرة مليارات دولار . ولهذا وصل الضباط الإسرائيليون إلي قاعدة سيليه في قطر ليشاركوا في قصف الشعب العراقي وتدمير حضارة يمتد تاريخها إلي آلاف السنين .
وتدرك إسرائيل قبل غيرها أهمية تدمير القوة العسكرية في العراق ، وهي التي قامت من قبل بضرب مفاعله النووي، وتدرك إسرائيل قبل غيرها أن الحرب لا تستهدف التحكم في النفط فحسب، بل تستهدف ما هو أبعد من ذلك : أي استعباد المنطقة بالكامل والتمكين للقدرة العدوانية الإسرائيلية كقوة منفردة على المدى البعيد .
ولم يعد أمام أمريكا سوى الكذب الذي بدأته بأنها تسعى " لتحرير العراق " ولو كلفها ذلك قتل كل أبناء العراق وأطفاله . ولم يعد أمام المعتدين سوى ادعاء أن كل عمليات المقاومة الشعبية العربية للغزو الأمريكي في الكويت ، والبحرين ، وقطر ، والناصرية ، وغيرها ، هي حوادث مرور ! وفي هذه الحالة لا يتبقى أمامنا إلا توجيه التحية إلي القائمين على حركة المرور المرتبكة في الكويت ، لأنها تبعث الأمل في النفوس .